معلومات عليك معرفتها عن شهادات الاستثمار

تعتبر شهادات الاستثمار من طرق الاستثمار التي تتناسب مع شرائح مختلفة من المجتمع، كما تعد قناة تمويلية للدول والبنوك على حدٍ سواء، ومن ناحية أخرى تمثل فرص استثمارية تجذب صغار التجار والمدخرين، وتعمل على تعبئة المدخرات.

في هذا المقال سنزودك عزيزي القارئ بما تحتاجه لفهم جوهر شهادات الاستثمار لتتمكن من تكوين رؤية واضحة عن هذا النوع من الاستثمار.

أولاً: ماهي شهادات الاستثمار

هي صكوك يصدرها بنك حكومي أو خاص، محددة بإطار زمني ملزم لصاحبها، تثبت حق صاحبها في المبلغ المدَّخر لدى البنك مع عائد محدد بناءً على قيمة الشهادة ومدتها، أو الدخول في سحب على جائزة نقدية أو عينية.

ثانياً: أهمية شهادات الاستثمار

تمثل الشهادات الاستثمارية قنوات ادخارية تساهم في تعبئة وتوجيه رؤوس أموال صغار التجار والمدخرين، بحيث تكون في مجموعها استثمارات كبيرة تصب في صالح الاقتصاد الوطني خاصة في الدول النامية. وقد تلجأ الدول لإصدار شهادات استثمار لسد عجز الميزانية وتكون لآجال قصير ومتوسطة وطويلة الأجل.

من ناحية أخرى تشجع شهادات الاستثمار على تفعيل وتحفيز قيمة الادخار في المواطنين، من خلال تشجيعهم على الادخار مقابل أرباح تترتب عليها، مما يقلل الإسراف ويحد من الأنماط الاستهلاكية التي تحث عليها وسائل الإعلان بمختلف أشكالها وأدواتها، بالتالي فهي توفر فرص استثمارية بقيم متفاونة تتناسب مع أحجام المدخرات المختلفة، مما يعني استثمار أفضل وأكثر كفاءة للمدخرات المتاحة.

ثالثاً: أنواع شهادات الاستثمار

تختلف أنواعها بحسب قيمة شهادة الاستثمار ومدتها، حيث تنقسم على النحو التالي:

 شهادات استثمار ذات طبيعة متزايدة: حيث تبقى قيمة شهادة الاستثمار لدى البنك لمدة طويلة قد تصل إلى 10 سنوات، تثبت لمالك الشهادة زيادة تصاعدية على المال والفائدة، عند نهاية المدة يستحق مالك الشهادة قيمة الشهادة والفائدة المتركمة عليها.

 شهادات استثمار ذات العائد الجاري: وهي شهادات تستحق فوائد سنوية محددة، يمكن سحب هذه الفوائد بصورة دورية، وفق مدة تحددها الجهة المصدرة على سبيل المثال كل ست أشهر يحق لصاحب الشهادة سحب فوائدها.

 شهادات استثمار ذات الجوائز: حيث لا يعطى هذا النوع فوائد محددة، لكن خصصت لها جوائز نقدية من خلال القرعة. وتم اللجوء لهذه الطريقة نظراً لصغر المدخرات فلا يشكل العائد عليها حافزاً للاستثمار فيها، لكن اعتماد أسلوب القرعة يشكل حافزاً لشراء شهادة الاستثمار طمعاً فيها.

رابعاً: الفرق بين شهادات الاستثمار والحسابات البنكية

تختلف شهادة الاستثمار عن الحسابات البنكية سواء الودائع الاستثمارية أو حسابات التوفير في عدة أمور:

درجة التحكم بحركة الأموال: تعد الحسابات البنكية أكثر مرونة من شهادة الاستثمار من حيث حركة الوديعة، حيث يمكن للمودع السحب والإيداع بحرية أكبر، في حين لا يمكن سحب مبلغ من شهادة الاستثمار أو تحريكه قبل إنتهاء المدة المحددة للشهادة، وقد يسمح بذلك مقابل غرامة تفرض على صاحب الشهادة.

لا يوجد للحسابات البنكية مدة ملزمة إلا في الودائع الاستثمارية، في حين تنضبط شهادات الاستثمار بمدة محددة وفقا لنوع الشهادة والجهة المصدرة لها، وتتراوح مددتها ما بين عدة أشهر وقد تستمر إلى عشر سنوات.

ترتبط عوائد شهادات الاستثمار بعلاقة طردية مع مدتها، فكلما كانت مدة الشهادة أطول زادت عوائدها، وتحدد العوائد عليها كنسبة من مبلغ الشهادة عند التعاقد. في حين أن الحسابات البنكية تختلف عوائدها بحسب نوعها، فقد لا يكون عليها عوائد كالحساب الجاري، وقد تكون هناك عوائد محددة مسبقا كما في الحساب الاستثماري.

يشترط في شهادة الاستثمار دفع مبلغ محدد مقابلها بحسب نوع الشهادة.

خامساً: مميزات وعيوب شهادات الاستثمار

لا يوجد مجال استثماري إلا ويكون فيه بعض عوامل الجذب والمميزات،وكذلك لا يخلو بعض العيوب، فيما يلي سنورد ميزات وعيوب شهادة الاستثمار.

ميزات شهادات الاستثمار

تمثل شهادة الاستثمار استثماراً آمنا حيث لا يوجد أي احتمالية للخسارة، حيث تضمن الجهة المصدرة لها مبلغ الشهادة والفوائد المترتبة عليه.

وجود شهادات استثمار بفئات متعددة تتناسب مع أحجام المدخرات المختلفة.

وجود فئات متنوعة من حيث مدة الاستثمار، حيث تترواح من عدة أشهر وقد تصل على عشر سنوات.

امكانية استعادة الأموال في الحالات الإضطرارية قبل إنتهاء صلاحية الشهادة، مقابل خسارة العوائد المترتبة عليها.

عيوب شهادات الاستثمار

تعد أقل مرونة من حيث حركة الأموال من حسابات التوفير.

خسارة العوائد المترتبة عليها في حال استرداد قيمة الشهادة قبل انتهاء صلاحيتها.

تعد عوائد شهادة الاستثمار أقل بالمقارنة مع الاستثمار في الأسهم.

سادساً: حقيقة شهادات الاستثمار

عند النظر لشهادات الاستثمار كمجال للاستثمار لابد لنا من البحث حول الصورة الحقيقية لها، جوهر شهادة الاسثتمار هو القرض بقائدة ربوية، حيث يُملك صاحب شهادة الاستثمار مبلغاً من المال للجهة المصدرة بحيث يحق لها جميع أنواع التصرف بالمال خلال مدة الشهادة وتكون قيمتها مضمونة على الجهة المصدرة، مقابل إلتزامها بدفع عائد مالي محدد عند التعاقد بغض النظر عن نتيجة الاستثمار، بالتالي فإن شهادات الاستثمار تمثل سندات دين.

سابعاً: هل شهادات الاستثمار جائزة في الاقتصاد الإسلامي

في مقالات سابقة أوضحنا أن الاقتصاد الإسلامي له موقف تجاه الفوائد الربوية سواء كانت من جهة البنوك أو من جهة الأفراد، حيث يمنع في الاقتصاد الإسلامي أي عوائد مضمونة على رأس المال، لأن رأس المال في الأسلام يشارك في الربح والخسارة.

فيما يخص شهادات الاستثمار فقد بينا طبيعة العلاقة بين صاحب الشهادة والجهة المصدرة لها، حيث تحكمهم علاقة دائن بمدين مقابل عائد ثابت على رأس المال محدد سابقاً، ونوضح ذلك بحسب نوع الشهادة.

الشهادات ذات القيمة المتزايدة: تضاف في هذا النوع الفوائد على أصل رأس المال، وحدد مسبقاً دون النظر لنتيجة الاستثمار، وهذه صورة صريحة للربا وهو الزيادة المشروطة على رأس المال.

الشهادات ذات العائد الجاري: نحصل هذه الشهادات على عائد دوري ورأس المال باقٍ على حالة دون تغير، وهذه الصورة تعد ربا كذلك إلا أن طريقة دفع الفوائد هو ما اختلف.

الشهادات ذات الجوائز: لا يحسب على هذا النوع فوائد ربوية بشكل مباشر بسبب صغر المدخرات، لكن يتيح البنك لهذا النوع الدخول في سحب للحصول على جائزة كعامل جذب فيها، وهنا البنك لا يعطي الربا المترتب على كل وديعة بل يحب الفوائد المترتبة على مجموع هذا النوع، ثم يقوم بالسحب على هذا المبلغ ليعطيه لأحد المدخرين فيها، وهنا يظهر أن هذا النوع ينطوي على الربا من جهة والمقامرة من جهة أخرى.

ثامناً: هل يوجد بديل استثماري عن شهادات الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي

يقوم الاقتصاد الإسلامي على مشاركة رأس المال في الربح والخسارة، فالنظام الإسلامي يوسع دائرة تحمل مخاطر الاستثمار، فالبديل عن شهادات الاستثمار بصورتها السابقة هو تحويل هذه العلاقة من علاقة المديونية الربوية إلى علاقة الاستثمار الحقيقية التي يتحمل فيها جميع الأطراف نتائج الاستثمار ربحاً وخسارةً.

وقد أقر مجمع الفقه الإسلامي نوع من العقود يسمى سندات المقارضة، التي تقوم على تجزئة رأس مال المشروع إلى وحدات متساوية، بحيث يملك حامل سند المقارضة حصة شائعة في رأس مال المشروع، تنطبق على هذا العقد أحكام عقد المضاربة في الاقتصاد الاسلامي، بحيث يشارك رأس المال بالربح بحسب النسب المتفق عليها، ويتحمل خسارة المال في حال حدوثها في حين يخسر مصدر الشهادة جهده في الاستثمار.